قد يكون من الصعب على كثير من النفوس تغيير شيء من طباعها أو طباع من حولها كما يقال : “تغيير جبل أهون من تغيير جبِّلة” ، وهذا أكثر ما يصدق على الصفات الجبِّلية المتعلقة بعوامل الوراثة وخلقة الدماغ وتكوين الجهاز العصبي وما يدخل تحت وظائفه النفسية ، ولكن هذا لا يعني الاستسلام وترك حبل النفس على غاربها دون توجيه أو إصلاح.
قال بن المقفع : ( وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين والأخلاق وفي الأدب ، فيجمع ذلك كله في صدره أو في كتاب ، ثم يكثر عرضه على نفسه ويكلفها اصلاحها).
فالعاقل يبحث عن عيوبه ويراجع نفسه ويتأمل حاله وطباع شخصيته وما فيها من مواطن ضعف وخلل ، ويسعى في إصلاحها بما يستطيع ، ومن ظن أن شخصيته ليست بحاجة إلى مراجعة ومتابعة فهو من أحوج الناس في الحقيقة إلى ذلك .
حتى تصلح من نفسك وترتقي بها ، لا بد في البداية من إدراك بعض الخطوات التالية :
– أن تعرف وتفهم شخصيتك من حيث المشاعر والفهم والإدراك والسلوك والقيم والميول والرغبات والقدرات … الخ .
– التأمل في العوامل المؤثرة في تكوين شخصيتك ومدى أثرها عليك إيجاباً وسلباً كالعوامل الوراثية ، والتربية التي تلقيتها في الأسرة والمدرسة ، والبيئة التي عشت فيها والضغوط والعقبات التي واجهتك في حياتك .
– تلمس حقيقة دوافعك الداخلية ومدى تأثيرها على سلوكك وتفكيرك ومشاعرك ومدى تحقيقك لحاجاتك النفسية الاجتماعية .
– اعرف مدى قدراتك على تحمل الضغوط ومواجهة العقبات والتكيف معها وردود أفعالك تجاهها.
– تأمل طريقة تفكيرك ونوع قناعاتك وما يترتب في ذلك من خلل على سلوكياتك في حياتك الخاصة وعلاقاتك الاجتماعية.
– اطلع على علل الشخصية وصفاتها المتنوعة ، وما قد يوجد فيك من بعض الصفات غير السوية ، وكن صريحاً مع نفسك صادقاً في تقويمها منصفاً لها دون محاباة أو ظلم.
ابذل جهداً ذاتياً كافياً لإصلاح ما تجده من عيوب النفس ، مستفيداً من كل ما تستطيع من العلوم والمعارف وما يتعلق بها من الآداب والأخلاق.
– قد تجد نفسك بحاجة إلى الاستعانة بشيء من المعالجة النفسية فلا تتردد في ذلك وابحث عمن لديه خبرة جيدة في هذا المجال.
أ.د. محمد الصغير – بتصرف.