دوافع النجاح كثيرة وقد تختلف من شخص لآخر ، منها ما يلي :
– الثقة الإلهية : الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي منحه الله الثقة ليكون خليفته في الأرض ، يقول تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).
إذاً هذه منزلة متألقة في نظام الوجود الفسيح ويدل على عظم العمل الموكل إليه . تقول الكاتبة وفاء الجندي:”فالإنسان خلق بمعيار التخطيط من قبل المولى عز وجل ، فقبل أن يخلقك أيها الإنسان أخبرك عن الرؤية من خلقك وأنك خليفته في الأرض ، ثم أخبر بعد ذلك عن الهدف من خلقك وهو تعمير الأرض ببناء أعظم الحضارات عليها وهي الحضارة الإنسانية ، وهذه الحضارة لن تقام إلا بتفعيل إرادة مكارم الأخلاق في السلوك الإنساني ، وتفعيل هذه الإرادة تستلزم علما يسبقها ، إذاً فالمحاور الرئيسة هي (التخطيط – الرؤية – الهدف – الإرادة – العلم) ، وقد نزل آدم – عليه السلام – إلى الأرض وفي وعائه النفسي والذاتي الذي يحوي كل هذه المحاور وذلك لتحقيق الغاية والرؤية المرصودة له من قبل الإرادة الإلهية”.
– طلب النجاح يعد استجابة لدعوة الله : يقول الله عز وجل : (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ) ، وفي هذا تبيان لأهمية الجد في حياتنا وأن كل أعمالنا لابد أن تصب في نهاية الأمر فيما يرضي الخالق المهيمن.
– المسلم الناجح أعظم منزلة عند الله من غيره : إن المسلم الذي يؤثر في دنيا الناس ويعمل ويرتقي بنفسه وبأمته ، هو أعظم درجة عند الله من غيره الذي ركن إلى الدعة والخمول ، بل وهو أفضل أيضاً ممن اتجه إلى العبادة فقط.
– الإنسان هو رأس المال الحقيقي : إن الإنسان في نظرتنا الإسلامية يعتبر مركزاً للكون ، حيث إن معظم النصوص الدينية موجهة للنهوض به وترقيته وتهيئة الأجواء المناسبة له لكي ينتج وينجح في حياته.
ولقد كان رأس المال في السابق هو مجموع ما يمتلكه شعب ما من إمكانيات مادية ، أما اليوم فقد أصبح الإنسان هو رأس المال الحقيقي لأي أمة ، وكلما كان الاهتمام به كبيراً كانت تلك الأمة متحضرة قوية.
– المسلم الناجح يعيش حياة في الحياة وبعد الممات : عندما نعيش لذواتنا فحسب فإن الحياة تبدو لنا قصيرة ضئيلة ، فتبدأ من حيث بدأنا نعي ، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ، أما عندما نعيش لفكرة فإن الحياة تبدو طويلة عميقة تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه الأرض.
إننا نعيش حياة مضاعفة حينما نعيش للآخرين ، وإن رضا الله والولوج إلى جنته هو أقصى هدف لنا ، وهو يمثل النجاح النهائي والكبير للمسلم.
– نجاح الأمة عبارة عن تراكم لنجاحات أفرادها : إن أي نجاح شخصي لأحد أبناء أمتنا ، هو في الحقيقة نجاح للأمة ، وبتراكم نجاحات العظماء يتضخم نتاج هذه الأمة ويعظم قدرها بين الأمم وفي سجلات التاريخ.
– التميز شرط مركزي لرقي حياتنا في هذا الزمن : هذا العصر معقد وصعب ، والبقاء فيه على سلم النجاح هو للأقوى ولصاحب الكفاءة ، وإن أعظم ما يوفر الفرص ، هو أن يصنع الشاب لنفسه مساراً مغايراً لما هو سائد.
– الناجح سيد وقدوة في أمته : النفوس جُبلت على اتباع من يعيش بينها ويرون عمله وجدَّه واجتهاده ، إن أصحاب النجاحات هم الذين يسودون العالم ، فهم يحتلون المكانة العظيمة والمرتفعة في مجتمعاتهم ، فقد يكون المرء وضيعاً فيرتفع بالنجاح .
النجاح يرتقي بالشعور إلى تحقيق الذات : إن تحقيق الإحساس بأهمية الوجود هو نزعة إنسانية ، فكل إنسان يود أن يكون له وزنه وقيمته بين الناس.
عندما نعيش لقضية عظيمة راقية فسوف يصبح لحياتنا معنى ، وسوف نشعر بأن الجميع محتاج للاستفادة من مشاريع حياتنا ، كما أن تراكم إنجازاتنا سوف ينعكس على هناء ذواتنا وسعادتها.
– الإنجاز سعادة : يقول جمال جمال الدين :”إن الخمول والكسل وعدم القيام بأي نشاط ، هو مصدر آلامنا وتعبنا ، أما العمل المثمر الناجح فيعتبر أكبر مساعد على تحمل الظروف الصعبة وتجاوزها ، لأنه يتيح لنا وقتاً لنتذكر همومنا وأحزاننا”.
من كتاب “نهضة إنسان”