الحنان ينبوع ماءٍ في صحراء واسعة ، وظلٌ وارف تأنس إليه الروح الظمأى عندما تنال الرمضاء من رقتها وعذوبتها وقت الهاجرة ما تنال .
الحنان أثر جميل من آثار الخالق حيث أودعه في صدر الأم لبناً خالصاً ، وفي راحتيها دفئاً ، وفي قلبها واحة من الأمان .
الحنان مفتاح النفس ، فإذا ما همس إليها ، ودغدغ أحاسيسها ، وحرك أوراق زهورها فإنها تسعد ، وتستفيق ، ثم تتوقد وتبتسم ، فتضوع عطراً يملأ الأفاق ، فيداعب خيوط الشمس الذهبية تارة ، ويرتمي في أحضان النسيم تارة أخرى .
الحنان يتمثل في كلمة حق ، ونصرة مظلوم ، ومواساة مبتلى ، ولمسة حانية على رأس معوق ، وهمسة محبة في إذن مجروح .
الحنان يولد الأخوة بين الناس ، لأنه إذا ما حط رحاله المباركة على ضفتي قلب طيب ، فإنه يسخن ماء هاتين الضفتين بدفئه ، فيعلو نُبلهما ، ليشكل سحائب الخير التي تهمي على الدنيا فيوضاً من العطاء .
الحنان دواء لكثير من الأدواء فإن استُخدم في وقته ، وبقدر الحاجة إليه ، نفع وأجدى ، وإن استخدم بعشوائية ومن غير ضوابط فإنه يضر ، كما يضر الماء النبتة إذا ما غمرها كلها ، لأن النبتة تحتاج إلى الماء في أوقات محددة ، كما تحتاج إلى الشمس في أحايين أخرى ، وفي مرة ثالثة قد لا تحتاج إلى هذا أو إلى ذاك ، بل تحتاج إلى رطوبة وهواء . وهذه هي حال الإنسان .
هبوا الحنان للآخرين توهب لكم المحبة ، وارحموا الآخرين تظلكم غمامة الرضا العلوية ، وبوحوا بالكلام الطيب ، تحصدوا محبة الناس وخالق الناس ، وعاملوا الناس بخلق حسن يقربكم نبيُ الرحمة والهداية إليه في جنات النعيم .
الأستاذ/ بدر الحسين