عندما تثقلك الدنيا بآلامها حد الفناء .. وتكسوك برد آهاتها حد الصقيع .. عندما يتوغل الحزن الأناني كل أكواخ قلبك الأربعة .. ويبيت ضيفاً ثقيلاً لأيام طوال .. عندها تستقر بضعفك وستستسلم لهذا السيل الجارف .. ولهذه القوة المتعالية التي تهزك من الأعماق .
ولكن ..
احذر من جعله حزناً مكبوتاً لسنوات .. يقول (فيسكوت) : ( إن الجنون هو أن تتحمل آلامك .. فكلما تعاظم الوقت المنقضي بين وقوع ألمك والتعبير عنه كلما زاد جنونك) ..
نُفي الكاتب (فكتور هوجو) من وطنه فرنسا فاعتلت قلبه سحب الأكدار .. وتوالت على روحه أمطار من الأحزان ..
كان يخرج كل مساء من منزله ليجلس على إحدى التلال العالية المطلة على البحر .. يتأمل غروب الشمس .. يتابع ذوبانها وسط السماء .. ويراقب غيابها لحظة بلحظة إلى أن يُغطي السواد أرجاء المكان ..
يمسك بالأحجار التي بجانبه يتحسسها ثم يرمي بها في قاع البحر .. شعور داخلي بالسلام .. لعله يشعر بأن أحزانه تنقص أرطالاً أرطال ..
كان على مقربة منه أطفال قد انشغلوا بألعابهم وضحكاتهم ولم يلفت نظر أي واحد منهم فعل (هوجو) المبهم الغريب باستثناء إحدى الصغيرات التي تقدمت باتجاهه سائلة إياه :
لماذا يا سيد (هوجو) تأتي كل يوم هنا لتلقي بهذه الحجارة ؟ .. صمت برهة زمن ثم ابتسم : هذه ليست حجارة التي ألقيها يا صغيرتي ، إنني ألقي الرثاء الذاتي في البحر ..
عندما تحزن .. فرغ حزنك وليكن بطريقة حكيمة .. الحزن اختارك أنت فلا تشرك فيه أحد ممن حولك .. انفرد بنفسك وزد من إيمانياتك .. تخلص من همومك مثلما كان يفعل (هوجو) .. كان يتحسس الأحجار وكأنها همومه ثم يرمي بها في البحر كما لو كان يقتل أحزانه ويرمي بها إلى غير رجعه ..
أشرك الآخرين في أمورك الإيجابية .. وعش لحظاتك الحزينة وحيداً .. كن كما قال (شارلي شابلن) : أحب أن أمشي تحت المطر لأن لا أحد يستطيع أن يرى بكائي ..
داوي نفسك بالتقرب إلى الله أكثر ..
وتذكر أنك : عندما تعبر عن أحزانك وآلامك فإنك بذلك تتعهد لروحك بالاستقرار الأبدي ؟..
عزيزة القرني