هل الحيوان راضٍ عن الإنسان !؟

تقول إحدى السيدات : عندما أقول (حمارة) لصديقتي تنزعج قليلاً وتطالبني بأن أناديها بـ (البقرة) لكونها أكثر فائدة . وعندما نطلق على شخص لقب حيوان شجاع أو ذكي يفتخر بذلك ، وإن أصبغنا عليه اسم حيوان كـ (الدجاجة) يغضب . فهل في ذلك مدعاة للغضب ؟

لقد قال الحكماء : إن على قادة الجيش التشبه بصفات الحيوانات ، فيكون واحدهم كالأسد لا يجبن ولا يفر ، وفي الكبر كالنمر لا يتواضع للعدو ، وفي الشجاعة كالدب يقاتل بجميع جوارحه ، وفي الغارة كالذئب إذا يئس من وجه أغار من وجه ، وفي حمل السلاح كالنملة تحمل أضعاف وزن بدنها ، وفي الوفاء كالكلب لو دخل سيده النار يتبعه ، وفي الصبر كالحمار يحمل الأثقال من غير جزع ، وفي التماس الفرصة كالديك .ز وفي الحراسة كالكركي (نوع من الطيور) .

في النهاية وجد الإنسان نفسه يكتسي بصفات الحيوانات ، صغرت أم كبرت ، ولم يكتفِ بذلك ، بل هو يحاول أن يستخلص قدراتها وأسرارها بحقنة تعطيه أملاً بأن يواجه العالم كما تفعل هي .

فنجده منكباً على دراساته وأبحاثه لعل مصباح عقله يضيء بطريقة تجعله يتحدث للحيوان الفلاني ليسأله عن سره ، وربما يسأله عن نفسه أيضاً : هل هو راض عنه كإنسان أم لا .

حين يحدث ذلك ، أتصور أن تنقلب الحيوانات علينا والأسباب وجيهة ، فالكلاب مثلاً على رغم خدماتها لنا نحتقرها بحديثنا ، ونستخدمها في السباب .

و(الأقارب .. عقارب) مع أنه لا وجه للشبه بينه وبين الإنسان ، فالعقرب متفوق على الجنس البشري منذ ملايين السنين بقدراته على التنفس وهو مغمور بالماء وتحمله العيش من دون طعام  وأكثر من هذا ، أتخيل لو أن بين الحيوانات لغة مثل لغتنا ، لقال الأسد للضبع : أصبحت لئيماً تأكل الجيف مثل صاحبك الإنسان ، وربما قال الحمار يوماً للكلب : الوفاء مع أهل الغدر من البشر غباء يا صاحبي ، فيرد الكلب : ويا صاحبي الحمار ، الصبر مع المتعجلين من البشر حماقة . ويكفي أن نعرف أن الحيوان لا يلتهم حيواناً مثله إلا ليسد رمقه ، بينما الإنسان يذبح أخيه الإنسان ليتسلى بمنظره وهو يتخبط في دمه .

إذاً حق علينا أن نعيد حساباتنا في تصرفاتنا وحديثنا عن الحيوانات ، فلن تغفر لنا كل تلك العنصرية التي نمارسها بحق حياتها وبيئتها ، وإن كان ما سيخفف غضبها حيالنا هو رؤيتها لتصرفات الإنسان تجاه بني جنسه .

 

أ. محمود خليفة

شارك التدوينة

المنشورات ذات الصلة

انضم إلى النشرة الإخبارية