معوقات الإبداع لدى الطفل ..

إن تطوير القدرات الإبداعية لدى الطفل لا ينفصل عن العملية الشاملة للتنشئة الثقافية والتنشئة الاجتماعية على جميع المستويات في المجتمع الواحد. ولمّا كانت السنوات الأولى من عمر الإنسان تشكّل قاعدة أساسية في تنشئة الطفل وتربيته وتوجيهه وتهذيبه وإبراز القدرات الكامنة عنده ومنها ملكة الإبداع، فإن أغلب المجتمعات تٌولي العناية لتطوير القدرات الإبداعية في الطفولة، حتّى قبل مرحلة الدراسة.

والطفل يتمتع بصفات إبداعية؛ لأنه يتمتع بذكاء قائم على الدهشة والتعجّب والشغف بالمعارف الجديدة، وبمغامرات استكشاف المجهول كأساس لتنمية النزوع إلى البحث وكشف المحيط الطبيعي والاجتماعي الذي يحيا فيه، وذلك من خلال روح اللعب المسيطرة على حركاته وأنشطته. وتُعدّ هذه الصفات جوهر اكتساب المعرفة، وتنمية الإثارة والدهشة والتفكير الإبداعي الابتكاري .كما أن الطفل شخصٌ خيالي إلى أبعد مدى ، يمارس أنشطته الخيالية دون حدود، ويتعجّب ممّا يراه البالغون عادياً ومألوفاً، كما أنه يمارس أنشطته التعبيرية بطلاقة وتنوّع ويتمتع بالمرونة في أنشطته الحرّة ، خاصة إذا لم تكن موانع ممّن يتولّى أمر تربيته.. حرّية تتجلّى بوضوح مع الأقران وبينهم.

والمتخصّصون في التربية وعلم النفس يضعون معايير يمكن من خلالها تحديد الأعمال والمنتجات الإبداعية للطفل في: الجدّة والأصالة والتميّز. وينبغي ألاّ ننظر إلى الإبداع في فنون الطفل من المنظار العلمي المطلق كنظرتنا إلى أعمال الراشدين وإبداعاتهم، وإنما يُحدّد ذلك من خلال المقارنة والتميّز على الأقران في العمر نفسه.

وقد أثبتت الدراسات العلمية والخبرات المكتسبة والمعايشات الميدانية في العديد من البلدان ، أن الوالديْن والمعلمين والمعلمات الذين يؤمنون بإبداعية أطفالهم يصبح أبناؤهم أكثر نشاطا ويقظة وطموحا ومغامرة ، وأعلى قدرة على الإبداع؛ فالأطفال يؤدون أدوارا إبداعية رائعة نندهش لها إذا ما هيّأنا لهم تفاعلا نشطا ومتجدّدا أثناء اكتسابهم المعارف والخبرات والأنشطة من مصادر المحيط القريب والبعيد. ويتوقّف هذا الدور الإبداعي على كيفية تدريبهم والشروط والإمكانيات المسخّرة لاكتساب المعرفة وتنظيمها، وطرق تفاعلهم مع المثيرات المختلفة التي يتفاعلون معها.

ويُنظر إلى الطفل في المجتمع السليم كطاقة تنبض بالحيوية والنشاط والثقة.. هو متعة الحاضر وطُمأنينة النفس وأمل المستقبل الباسم. والطفل الذي يحصل على تربية متكاملة بالتأكيد تتضافر في شخصيته، الصحة الفسيولوجية، والنفسية، و الذهنية،  والروحية؛ ولمّا كانت الأسرة والأبوان -خاصة- هما مدخل الإنسان إلى المجتمع ، فإنهما يصوغان البنية الأساس لشخصية إنسان المستقبل ، ولنمط علاقاته بالآخرين. فالأب المتسامح إلى حدٍّ مــا وتسامحه هذا يستند إلى وعْيٍ وفهم يعوّد طفله على الجرأة والبحث والاستزادة من الخبرات والمعارف، وينمّي لديه الاعتماد على الذات. وشخصية الأم الواعية.. الأم المتعلّمة.. الأم المثقفة.. الخبيرة بشؤون الحياة تغرس في نفسية طفلها حبّ الله وحبّ الناس وحبّ الحياة والتوغّل في مسالكها.. ممّــا ينمّي لديه حبّ البحث ويُشبع لديه الفضول، فتنشط عنده روح المبادرة والتطلّع إلى إثبات الذات من خلال الإبداع.

مجلة العربية

شارك التدوينة

المنشورات ذات الصلة

انضم إلى النشرة الإخبارية