الطريق إلى فن السرور ..

نعمة كبرى أن يمنح الإنسان القدرة على السرور، يستمتع به إن كانت أسبابه، ويخلقها إن لم تكن.

يخطئ من يظن أن أسباب السرور تكمن في الظروف الخارجية ، من الأموال والبنين والصحة وغيرها ؛ لأن السرور يعتمد على النفس أكثر مما يعتمد على الظروف ، وفي الناس من يشقى في النعيم، ومنهم من ينعم في الشقاء؛ وفي الناس من لا يستطيع أن يشتري ضَحَكةً عميقةً بكل ماله وهو كثير، وفيهم من يستطيع أن يشتري ضحكات عالية عميقة واسعة بأتفه الأثمان، وبلا ثمن.

أكبر سبب لذلك ، هو أن الحياة فَنٌّ، والسرور كسائر شئون الحياة فن؛ فمن عرف كيف ينتفع بالفن استغله واستفاد منه وحظِي به، ومن لم يعرفه لم يعرف أن يستغله وشقي به.

ويستطيع الواحد منا أن يخلق السرور حوله، وجزء كبير من الإخفاق في خلق السرور يرجع إلى الفرد نفسه، بدليل أنا نرى في الظروف الواحدة والأسرة الواحدة والأمة الواحدة من يستطيع أن يخلق من كل شيء سروراً، وبجانبه أخوه الذي يخلق من كل شيء حزناً؛ فالعامل الشخصي – لاشك – له دخل كبير في خلق نوع من الجو الذي يتنفس منه؛ ففي الدنيا عاملان اثنان: عامل خارجي وهو كل العالم، وعامل داخلي وهو نفسك؛ فنفسك نصف العوامل؛ فاجتهد أن تكسب النصف على الأقل ، بل إن النصف الآخر-وهو العالم – لا قيمة له بالنسبة إليك إلا بمروره بمشاعرك؛ فهي التي تلونه، و تجمِّله أو تقبحه ، فإذا أعددت مشاعرك للسرور ، فالعالم الخارجي ينفعل مع نفسك فيكون سروراً.

ولكن ما الوسيلة إلى ذلك؟

أول دروس فن السرور أن يتحكم الإنسان على زمام تفكيره؛ فيصرِّفه كما يشاء؛ ولا يتركه عرضه للأمور المحزنة، أو ما يؤدي إلى الغضب ، وأن يبدل ذلك في التفكير بالأمور الجالبة للفرح والسرور .

ثاني الدروس أن لا تجعل الحياة أكبر همك ؛ فالحياة هينة، وكل ما فيها زائل؛ فاعمل الخير ما استطعت، وافرح ما استطعت ولا تجمع على نفسك الألم بتوقع الشر ثم الألم بوقوعه .

وأخيراً، ابتسم وارضي بقضاء الله ؛ فما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطئك لم يكن ليصبك ، وتفاءل بالخير وستجده بإذن الله  .

مقالة لأحمد أمين (بتصرف)

شارك التدوينة

المنشورات ذات الصلة

انضم إلى النشرة الإخبارية