عندما يحدث شيء لا يوافق توقعاتنا ، فإن الكثيرين منا يتصرفون على اعتقاد “عندما يساورك الشك فيجب أن يكون ذلك ناتجا عن خطأ شخص آخر” .. إن بإمكانك أن تشاهد هذا الاعتقاد في تصرفات الناس حيثما وجهت وجهك إلى شيء ما مفقود ، لابد أن شخصا ما قد نقله من مكانه .. السيارة لا تعمل على أكمل وجه لابد وان الميكانيكي قد أصلحها خطأ .. مصروفاتك تزيد عن دخلك لابد وان زوجتك تسرف في الإنفاق .. المنزل تعمه الفوضى ، لابد أن تكون الشخص الوحيد الذي يقوم بما عليه في المنزل .. المشروع متأخر عن جدوله الزمني لابد أن زملاءك في العمل لم يقوموا بنصيبهم من العمل وما إلى ذلك.
لقد أصبح هذا النوع من التفكير الذي يسيطر عليه إلقاء اللوم على الغير متفشيا جدا في ثقافتنا ، وعلى المستوى الشخصي فقد قادنا إلى الاعتقاد بأننا لا نكون مسئولين مائة بالمائة عن تصرفاتنا ومشكلاتنا أو سعادتنا ، وعلى المستوى الاجتماعي أدى بنا إلى قضايا شرسة و أعذار سخيفة ينجو المجرمون بسببها بجرائمهم ، وعندما نعتاد على إلقاء اللوم على الآخرين فإننا سنلومهم على غضبنا , ضيقنا , توترنا , إحباطنا وتعاستنا.
وفيما يتعلق بالسعادة الشخصية فلن يكون بمقدورك أن تغمرك الطمأنينة وأنت تلوم الآخرين ، بالتأكيد سيأتي آخرون أو ظروف يسهمون أحيانا في تفاقم مشكلاتنا ، إلا أننا نحن الذين يجب عليهم أن يكونوا على قدر اللحظة وان نضطلع بالمسئولية عن سعادتنا . إن الظروف لا تصنع الإنسان إنها فقط تظهر صلابة عوده.
وعلى سبيل التجربة لاحظ ما سيحدث عندما تكف عن إلقاء اللوم على الآخرين عن كل شيء يحدث في حياتك ، إن ذلك لا يعني كون الغير مسئولا عن تصرفاتهم ولكن أن تنظر إلى كون نفسك مسئولا عن سعادتك وعن ردود أفعالك تجاه الآخرين والظروف المحيطة بك ، فعندما تعم الفوضى البيت فبدلا من أن تفترض انك الشخص الوحيد الذي يقوم بدوره في تنظيفه عليك بتنظيفه .. عندما تفقد ميزانيتك ، فكر في أي الجوانب يكون بمقدورك أن تنفق قدرا اقل من المال ، والاهم من ذلك عندما تشعر بالتعاسة عليك أن تذكر نفسك انك الإنسان الوحيد الذي يمكن أن تُشعر نفسك بالسعادة.
إن إلقاء اللوم على الآخرين يستنفذ قدرا هائلا من الطاقة العقلية ، إنها حالة نفسية تزداد مع الوقت وتؤدي إلى التوتر والمرض . وإلقاء اللوم على الغير يجعلك تشعر بالعجز عن السيطرة على حياتك ، لأن سعادتك تتوقف على تصرفات الغير وسلوكهم ، وهو ما لا تملك عليه سلطانا . أما عندما تتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين فسوف تستعيد شعورك بقوتك الشخصية وستنظر إلى نفسك على انك قادر على الاختيار ، وستعلم عند شعورك بالضيق بأنك تلعب دورا هاما في خلق مشاعرك وهذا يعني أن بمقدورك خلق مشاعر جديدة وايجابية .. إن الحياة تكون أكثر إمتاعا وأيسر في التعامل مع مجرياتها عندما تكف عن إلقاء اللوم على الآخرين فلتجرب ذلك ولتنظر ماذا سيحدث.
كتاب لا تهتم بصغائر الأمور